91 ـ ماذا نستفيد من هذا الفعل من قبل قريش؟
ـ بيان ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من أذى واضطهاد من قبل كفار قريش.
ـ أن ما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابتلاءات عزاء لكل مؤمن فيما يصيبه في هذه الحياة من بلاء ومصائب.
ـ من أسباب صبرهم وثباتهم على هذه الابتلاءات هو الإيمان بالله الذي خالطت بشاشته قلوبهم، فلا يبالون ما ينال أجسادهم من إيذاء، ما دام أن هذا الإيذاء والتعذيب في ذات الله.
وقد سأل هرقل أبا سفيان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا، فقال: كذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب.
ـ بيان أن أهل الكرم والمروءة لا يخلو منهم زمان ولا مكان والحمد لله.
92 ـ متى مات أبو طالب؟
مات سنة عشر من البعثة، بعد الخروج من الشعب بقليل.
93 ـ هل مات على الكفر؟
نعم، على الرغم من حمايته للرسول صلى الله عليه وسلم.
عن ابن المسيب عن أبيه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أبي طالب عندما حضرته الوفاة، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}.. ونزل: {إنك لا تهدي من أحببت}) متفق عليه.
وعن العباس (أنه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء فإنــه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفــل من النار) متفق عليه.
(ضحضاح) الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعبين، والمعنى أنه خفف عنه العذاب.
94 ـ لماذا حزن النبي لما مات عمه أبو طالب؟
لأنه كان يحوطه ويغضب له وينصره، وقد تقدم قريبًا قول ابن مسعود: (وأمّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه).
وأخباره في حياطته والذب عنه معروفة مشهورة، ومما اشتهر من شعره في ذلك قوله:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسَّدَ في التراب دفينا
95 ـ ما الحكمة من استمرار أبي طالب على دين قومه؟
قال ابن كثير: (وكان استمراره على دين قومه من حكمة الله تعالى، ومما صنعه لرسوله من الحماية؛ إذ لو كان أسلم أبو طالب لما كان له عند مشركي قريش وجاهة ولا كلمة، ولا كانوا يهابونه ويحترمونه ولاجترؤا عليه ولمدوا أيديهم وألسنتهم بالسوء إليه).
96 ـ متى ماتت خديجــــة؟
في السنــة العاشرة من المبعث، وقبل الهجرة بنحو ثلاث سنين.
97 ـ ماذا فعلت قريش بعد موت عمه وزوجه؟
اشتد غضبها وآذوا رسول الله أذى شديدًا.
98 ـ ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك؟
خرج إلى الطائف.
99 ـ من كان معه حين خروجه إلى الطائف؟
مولاه زيد بن حارثة.
100 ـ ماذا فعل به أهل الطائف؟
لم يجيبوه وآذوه وأخرجوه.
قال ابن القيم: (فرجموه بالحجارة حتى أدموا كعبيه).
101 ـ كم أقام بالطائف؟
قيل: شهر، وقيل: عشرة أيام.
102 ـ ماذا لقي الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه؟
قال ابن القيم: (وفي طريقه لقي عداسًا النصراني فآمن به وصدقه).
103 ـ كيف رجــــع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف؟
رجع مهمومًا مغمومًا، فأرسل الله إليه ملك الجبال ليكون رهن إشارته إذا أحب أن يطبق عليهم الأخشبين.
عن عائشة. قالت: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت ـ وأنا مهموم ـ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا) متفق عليه.
(ملك الجبال) المراد الملَك الموكل بها. (الأخشبين) هما جبلا مكة أو قبيس والذي يقابله، وسميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما.
104 ـ اذكر بعض الفوائد والعبر مما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم في رحلته للطائف؟
ـ بيان ثبات الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم يأسه مهمـا عظم البلاء، يدل على ذلك خروجه إلى الطائف يطلب النصرة.
ـ بيان سوء معاملة أهل الطائف، ومع هذا لم يدع عليهم صلى الله عليه وسلم، بل دعا لهم: (اللهم اهد ثقيفًا وأت بهم) واستجاب الله له فيهم فأتوا بعد حصارهم وآمنوا وأسلموا.
ـ بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على قومه، ومزيد صبره وحلمه، وهو موافق لقوله تعالى {فبما رحمة من الله لنت لهم} وقوله: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
105ـ متى وقع الإسراء والمعراج؟
كان قبل الهجرة بالاتفاق وبعد المبعث من مكة.
وقد اختلف متى كان: فقيل: قبل الهجرة بسنة، وقيل: بثلاث سنين، وقيل: بخمس سنين، والله أعلم.
(الإسراء) سيــر جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكـة إلى بيت المقدس.
(المعراج) السلم الذي عرج به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرض إلى السمــــاء
106 ـ اذكر الأدلة على أن الإسراء والمعراج كان بروح النبي صلى الله عليه وسلم وجسده يقظة؟
قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}.
والعبد عبارة عن مجموع من الجسد والروح.
ـ أن قريشًا أنكرته، ولو كان منامًا لم تنكره؛ لأنهـا لا تنكر المنامات.
107ـ كم مرة كان الإسراء والمعراج؟
كان مرة واحدة.
قال ابن القيم: (.. ثم أسري بروحه وجسده إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى فوق السماوات بجسده وروحه إلى الله.. وكان ذلك مرة واحدة، وهذا أصح الأقوال).
وقال شارح الطحاوية: (فالذي عليه أئمة النقل أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة).
108 ـ اذكر بعض ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراج والمعراج؟
ـ (ما مر بملأ من الملائكة إلا أمروه بالحجامة وقالوا: يا محمد مر أمتك بالحجامة).
ـ (رأى رجل قاعدًا، على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة، إذا نظر قِبَل يمينه ضحك وإذا نظر قبل يساره بكى، قلت لجبريل: من هذا، فقال: هذا أبوك آدم) رواه البخاري.
ـ (وقال صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم) رواه أبوداود.
ـ (وقال صلى الله عليه وسلم: مررت ليلة أسري بي على موسى فرأيته يصلي في قبره) رواه مسلم.
ـ (وقال صلى الله عليه وسلم: مررت ليلة أسري بي برائحة طيبة، فقلت يا جبريل: ما هذه الرائحة الطيبة؟ قال: هذه رائحة ماشطة بنت فرعون وأولادها … ثم ذكر القصة) رواه أحمد.
ـ (وقال صلى الله عليه وسلم: لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد، أقرئ أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأرضها واسعة، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) رواه الترمذي.
ـ (وقال صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي مررت على قوم تقرض شفاههم وألسنتهم بمقاريض من نار، فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون) رواه ابن حبان.
109 ـ ماذا كان موقف قريش من حادثة الإسراء والمعراج؟
أنكرته وكذبته.
عن جابر قال: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لما كذبني قريش قمت في الحِجر فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه) رواه البخاري.
(فجلى لي) أي كشف الحجب بيني وبينه حتى رأيته.
وعند مسلم (قال: فسألوني عن أشياء لم أثبتها، فكربت كربًا لم أكرب مثله قط، فرفع الله لي بيت المقدس أنظر إليه، ما يسألوني عن شيء إلا نبأتهم به).
وفي حديث ابن عباس عند أحمد (فقال أبو جهل : حدث قومك بما حدثتني، فحدثتهم، قال: فمن بين مصفّق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبًا. قالوا: وتستطيع أن تنعت لنا المسجد؟.. وفي القوم من سافر إلى ذلك البلد، ورأى المسجد، فما زلت أنعت حتى التبس عليّ بعض النعت، فجيء بالمسجد حتى وضع فنعته وأنا أنظر إليه. فقال القوم: أما النعت فقد أصاب).
وعند البيهقي (.. فجاء ناس إلى أبي بكر فذكروا له، فقال: أشهد أنه صادق، فقالوا: وتصدقه بأنه أتى الشام في ليلة واحدة ثم رجع إلى مكة، قال: نعم، إني أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء. قال: فسمي بذلك الصديق).
110 ـ ماذا نستفيد من حادثة الإسراء والمعراج وما وقع فيها؟
ـ جاءت هذه المعجزة بعد المحن التي ابتلي بها الرسول صلى الله عليه وسلم لتجدد عزيمة الرسول صلى الله عليه وسلم ولتدلل على أن هذا الذي يلاقيه من قومه ليس سببه تخلي الله عنه، وإنما هي سنة الله مع أحبائه في كل عصر ومصر.
ـ تقرير حادثة الإسراء والمعراج وثبوتها بالكتاب والسنة والإجماع.
ـ سبق أبي بكر وفضله وسبب تلقيبه بالصديق.
قال ابن حجر: (ولقب بالصديق لسبقه إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: كان ابتداء تسميته بذلك صبيحـــة الإسراء وروى الطبراني من حديث علي: أنه كان يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق، رجاله ثقات).
111 ـ ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك؟
استمر في دعوة الناس في المواسم وغيرها.
عن ربيعة بن عباد الدؤلي قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى في منازلهم قبل أن يهاجر إلى المدينة يقول: يا أيها الناس إن الله أمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، قال: ووراءه رجل يقول: يا أيها الناس، إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم، فسألت عن هذا الرجل، قيل: أبو لهب) رواه الحاكم.
وعند أبي داود كان يقول: (هل من رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشًا منعوني أن أبلغ كلام ربي).
112 ـ ماذا نستفيــد من هـــــذا الحديث؟
ـ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الدعوة إلى الله دون تعب ولا كلل، وهكذا أنبياء الله من قبله قاموا بالدعوة إلى الله دون تعب أو توان مستخدمين جميع الأساليب والوجوه الممكنة.
كما قال تعالى عن نوح: {قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهارًا. فلم يزدهم دعائي إلا فرارًا. وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم...}.
(ليلاً ونهارًا) أي دائبًا من غير فتور مستغرقًا به الأوقات كلهــا.
ويقول تعالى عن إبراهيم عند احتضاره: {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
ـ على الدعاة أن يطرقوا جميع الأبواب التي يمكن أن تقود إلى التمكين للدين في الأرض وعدم اليأس منها.